الوزارة
التنظيم القضائي
نصوص وقوانين
التعاون
المنشورات
هيئات اخرى

مقابلة السيد الوزير مع جريدتي الشعب واوريزون



بسم الله الرحمن الرحيم


مقابلة السيد الوزير مع جريدتي الشعب واوريزون


السؤال الأول :تتأكد اهمية التخصص في المجال القضائي نظرا لأهمية هذا المرفق ولارتباطه بتحقيق الحق وانصاف المظلوم وما لذلك من اهمية في تعزيز اللحمة الاجتماعية والتعايش السلمي فما هي استراتيجية القطاع في هذا المجال؟ وهل هناك خطة على المدى المتوسط او البعيد للوصول الي قضاء متخصص ؟ وهل ساهم اعتماد بعض المحاكم المتخصصة في بعض المجالات في نجاعة التعاطي مع هذه الملفات، سواء من حيث اختصار الوقت او من حيث دقة الاحكام؟.
اسمحوا لي في بداية هذه المقابلة إن أتقدم بأطيب الأمنيات إلى جميع الموريتانيين -قيادة وشعبا وحكومة- بمناسبة حلول ذكرى عيد الاستقلال المجيد في هذه الفترة الخاصة من تاريخ بلدنا، والتي لنا إن نفخر فيها بما حققناه من رقي وازدهار في ظل قيادة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ، وهي فرصة كذلك لتذكر أرواح شهداء المقاومة الوطنية والترحم عليهم.
وقبل الإجابة على اسئلتكم فإنه يجدر بي التذكير بأن قطاع العدل يأتي في أوليات برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز حيث أكد في أكثر من مرة على ضرورة استقلال القضاء والرقي به إلى مستوى الآمال والطموحات، لكونه الضامن لسيادة القانون والحامي للحقوق والحريات، و ضمانة أساسية لتحقيق التنمية المنشودة، وعلى هذا الأساس انبثقت الأهداف والرؤى لتطوير هذا المرفق الحساس والتي تقوم على ضمان استقلال القضاء وعدم التدخل في شؤونه، والعمل على الجمع بين كفاءة الأداء وسرعة الإنجاز.
وبالعودة إلى سؤالكم فإنه كما هو معلوم لدى الجميع فإن مسألة التخصص في مجال القضاء باتت مسالة أساسية نظرا لتنوع النزاعات ودقتها حيث أصبحت القضايا المعروضة أمام القضاء في درجة من الدقة والعمق الموضوعي والتخصص في جزئيات المادة القانونية، في حين أن النظام القضائي الوطني كما هو الحال في جل الأنظمة القضائية المشابهة بني على نظام عام وشامل لكافة المواضيع القانونية سواء كانت مدنية أو جزائية أو تجارية... إلخ، بحيث يفترض أن يكون القاضي مؤهلا للنظر في كل القضايا المعروضة عليه بغض النظر عن تعدد مواضيعها والمجالات الموضوعية والإجرائية واختلافها الجوهري وهو ما يعني ان مشرعنا لا يزال يفضل تخصص المحاكم بدل تخصص القاضي.
وفي إطار الإصلاحات القانونية والقضائية التي عرفتها المنظومة الوطنية القضائية في السنوات الأخيرة، تم إنشاء أقطاب قضائية متخصصة في القضايا المتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة مثل : الإرهاب والفساد، كما تم إنشاء أجهزة قضائية أخرى متخصصة في النظر في قضايا القصر، وقضايا الاسترقاق والنزاعات التجارية.
ومواكبة لهذه الإصلاحات عملت الوزارة على تكوين العاملين في المحاكم والأقطاب القضائية المتخصصة من قضاة وأعوان، وتوجيه الجهود نحو تقوية وتعزيز قدراتهم المهنية في مجالات تخصصهم والرفع من معارفهم ومهاراتهم المهنية، وفي هذا الاطار قامت الوزارة بالتعاون مع بعض الشركاء الدوليين بتنظيم عدة دورات تكوينية داخل الوطن وخارجه للقضاة، وكتاب الضبط وغيرهم من العاملين في القطاع كان آخرها ما قيم به في الجمهورية التونسية حيث استفادت مجموعة كبيرة من القضاة وكتاب الضبط من تكوين نوعي في المعهد الأعلى للقضاء بتونس. وهنا أجد الفرصة لأقدم الشكر إلى شركائنا في التنمية وخاصة الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية على الدعم الفني والمالي الذي يقدمونه للقطاع في هذا المجال، كما لا يفوتني أن أنوه بمستوى التعاون القانوني والقضائي بين بلدنا والجمهورية التونسية ممثلة في وزارة العدل التونسية والذي لا شك سيتعزز بعد الاتفاق على مذكرة التفاهم حول الإدارة القضائية و التكوين الموقعة مؤخرا خلال اجتماع الدورة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين.
إن اعتماد هذه المقاربة في تخصص القضاء كان له الأثر المباشر والإيجابي في الرفع من مستوى أداء الجهاز القضائي من حيث النجاعة والتمكن الموضعي والقدرة على فض النزاعات في آجال قانونية معقولة، وعندما نقول أجل معقول فذلك بالطبع بالنسبة لكل قضية على حدة حسب تشعبها وتعقد العلاقات القانونية بين الأطراف المتدخلة فيها، كما أن التخصص رافقه التسهيل والتبسيط في النصوص الموضوعية والإجرائية، وإدخال آليات بديلة لحل النزاعات نذكر منها على سبيل المثال -لا الحصر- القانون المتعلق بحل النزاعات الصغيرة ، والوساطة القضائية.
السؤال الثاني: من المعروف عالميا ان واقع القضاء في أي بلد اصبح من المؤشرات الاساسية لجلب الاستثمار وتعزيز ثقة المستثمرين ، فما هي الاجراءات المتخذة وطنيا في هذا المجال ، وكيف ساهم وجود مدونة للتجارة ومحاكم متخصصة للنظر في القضايا التجارية في تلميع صورة البلد عند المستثمر سواء كان وطنيا او اجنبيا؟.
سعت بلادنا بشكل حثيث خلال السنوات الأخيرة إلى خلق مناخ ملائم لتشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وفي هذا الاطار اتخذت الحكومة ضمن استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك التي صادقت عليها جملة من الإجراءات الهادفة إلى تطوير المنظومة التشريعية المتعلقة بالاستثمارات من خلال تحديث النصوص المرتبطة بالاستثمار المباشر وغير المباشر وملاءمتها بشكل أفضل مع متطلبات التنمية، فالاستثمار يعد في أيامنا هذه دعامة أساسية للتنمية لما له من أثر إيجابي في توفير الحاجات والخدمات ولهذا يحتاج إلى مناخ يجلبه وهذا المناخ إنما يتحقق بالأمن القانوني والقضائي , فالمستثمر سواء كان وطنيا أو أجنبيا، لا يخاطر بأمواله إلا إذا تحقق من وجود قضاء مستقل وفعال يطبق النصوص المقررة في التشريع والأنظمة بما يحقق العدل والمساواة .
وفي هذا الاطار تم مؤخرا القيام بإدخال عدة تعديلات على المدونة التجارية من أجل ملاءمتها مع المعايير الدولية المتعلقة بحوكمة الشركات التجارية مما سمح بصفة أساسية بإدخال تحسينات على مناخ الأعمال، ورفع العوائق التي تعترض إنشاء وتطوير المؤسسات التجارية التي تعتبر محرك النمو الاقتصادي كإلغاء المقتضيات المتعلقة بتحديد ادنى رأس مال الشركات ذات المسؤولية المحدودة الذي كان مليون أوقية ليترك تحديده لحرية الشركاء. وقد ساهمت الإجراءات والتدابير التي قيم بها في خلق ظروف تسمح بتحسين المنافسة والحوكمة، وبالمضي قدما في الإصلاحات القانونية والتنظيمية من أجل تقوية المؤسسة بإزاحة العوائق الإجرائية التي يمكن إن تعترضها لتكون أداة حقيقية لإنتاج الثروة.
كما انصبت الجهود على تطوير وتحديث القضاء التجاري وتمكينه من الآليات القانونية لفض النزاعات التجارية وفقا للمعايير الدولية المتعارف عليها سواء منها ما هو موضوعي يتعلق بمضامين القوانين المسيرة للحقوق أو ما هو مسطري غرضه تبسيط وتحسين الإجراءات القضائية لتتماشى مع سرعة الوتيرة التي يجب أن تميز المعاملات الاقتصادية عموما مع مراعاة الشفافية المطلقة في تسيير النزاعات المعروضة على القضاء وفضها في أحسن الآجال بحيث يكون لنسبة التوقع (la prévisibilité) هامش قوي في العملية، وبتلك الإجراءات اكتسبت البلاد مزايا مهمة مكنتها من إرساء قضاء تجاري متخصص وفعال، الأمر الذي ساهم بشكل لافت من رفع ترتيب موريتانيا في تصنيف تقرير البنك الدولي المتعلق بقياس ممارسة مناخ الأعمال في السنوات الأخيرة خاصة فيما يتعلق بمؤشرات التقرير المتعلقة بالقضاء التجاري (مؤشر إنفاذ العقود ومؤشر إنشاء المؤسسات).
السؤال الثالث: يثير مصطلح الارهاب وعدم وجود تعريف جامع مانع له العديد من الاشكالات ،فهل كانت هذه الحقيقة حاضرة في الترسانة القانونية الموريتانية ، الخاصة بظاهرة الارهاب حتي لا يتم الخلط بينما هو ارهابي مع ما هو غير ارهابي ؟.
الإرهاب ظاهرة اجتماعية معقدة ومتعددة الجوانب والأهداف، ويشكل احدى أخطر صور العنف والتطرف التي عرفتها البشرية، وكما تعلمون المشرع عادة لا يهتم بوضع التعريفات وإنما يترك ذلك للفقه القانوي والقضائي، ومع ذلك فقد استهدفت التعديلات الأخيرة لقانون مكافحة الإرهاب وضع نص قانوني واضح الدلالة يحدد بشكل دقيق الإطار العام لهذه الظاهرة، والأفعال التي تشكل أعمالا إرهابية بكل دقة ووضوح مع الحرص على توفير الضمانات الكفيلة بحماية الحريات والحقوق الأساسية . فقد جاء في المادة الأولى من قانون مكافحة الإرهاب رقم 035- 2010 " ان الإرهاب يمجد العنف وعدم التسامح، كما يهدد استقرار الدولة والمؤسسات وأمن الأشخاص والممتلكات ويشكل خطرا على المصالح الحيوية للوطن "ونظرا لكون الظاهرة ظاهرة دولية فقد تمت معالجتها انطلاقا من الاتفاقيات الدولية بشأنها ولذلك فقد اخذت أكثرية التشريعات بالتعريفات المتعارف عليها دوليا الواردة في اتفاقيات وقرارات الامم المتحدة ذات الصلة .


السؤال الرابع :من المعروف ان ظاهرة الارهاب اصبحت ظاهرة كونية تقريبا ،فرضت نفسها علي مختلف الدول ، وفي هذا الاطار سنت موريتانيا بهدف محاربته جملة من القوانين ،وانشات لذلك محاكم متخصصة للتعاطي مع الملفات المرتبطة بها ،كيف اسهمت هذه الترسانة القانونية وهذه المحاكم في محاربة هذه الظاهرة؟.


في اطار مواجهة الأعمال الإرهابية التي عرفتها موريتانيا خلال السنوات الماضية وتحديدا منذ سنة 2005 تبنت موريتانيا استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب كان من جوانبها إصدار جملة من النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمكافحة الإرهاب من اجل إرساء منظومة قانونية تضمن دقة ووضوح وسلامة الأسس القانونية للتعامل مع الإرهاب، والتأسيس لسياسة جنائية مرنة من شأنها التقليل من مخاطر الإرهاب والحد من توسعه، وإنشاء أقطاب قضائية خاصة مكلفة بالتعامل مع الجرائم الإرهابية على مستوى النيابة العامة والتحقيق، والعناية بالمصادقة على النصوص الدولية ذات الصلة ودمجها في التشريع الوطني. لقد أثمرت الإصلاحات القانونية والتنظيمية نتائج إيجابية وحققت نجاحات معتبرة في مجال مكافحة الإرهاب فقد كان لشمولية المقاربة الموريتانية بجوانبها الفكرية والقانونية والمؤسسية إضافة إلى الجوانب القضائية والعسكرية والأمنية الفضل في دحر تحدي الإرهاب منذ سنة 2011. تاريخ آخر اعتداء إرهابي تعرضت له البلاد ؛وكان من آثار الإصلاحات التي أدخلت على آليات المعالجة القانونية والقضائية للإرهاب أنها منحت الجهات القضائية المختصة فرصة لتكثيف الممارسة، والاطلاع بشكل واسع ودقيق على وضع المجموعات الإرهابية، مما مكن من استيعاب الجهات القضائية المختصة بشكل أفضل للملفات المفتوحة والبت فيها بسرعة ودقة وفعالية.
وهكذا أصدرت المحكمة المختصة بالنظر والبت في الجرائم الإرهابية عددا هاما من الأحكام في قضايا خطيرة تتعلق بالإرهاب ، وهنا يجدر التنبيه إلى أن القضاء الموريتاني يعود له السبق في إصدار أول أحكام قضائية في مجال الإرهاب في المنطقة، وهكذا أضحت التجربة الموريتانية مثالا يحتذى به في المحافل الدولية، وفي معاهد التكوين القضائية والورشات المتعلقة بالمعالجة القانونية والقضائية لظاهرة الإرهاب في منطقة الساحل.


 


السؤال الخامس : اعتمدت موريتانيا خلال السنوات القليلة الماضية وفي اطار سعيها لتعزيز حقوق الانسان محاكم متخصصة للنظر في القضايا المتعلقة بالاسترقاق ان وجدت ،فكم عدد هذه المحاكم وكيف ساهمت في حماية حقوق الانسان وتعزيز اللحمة الاجتماعية والتعايش السلمي؟ واين انتم من الراي القائل ان هذه المحاكم انشات للنظر في ملفات غير موجودة اصلا لان مفهوم الاسترقاق بالمعني التقليدي الذي كان منتشرا في مختلف دول العالم لم يعد موجودا اطلاقا في موريتانيا ،ويستدلون علي ذلك بقلة الملفات التي عرضت علي هذه المحاكم منذو انشائها وحتي اليوم ،فما هي وجهة نظركم ؟
إن سن القانون وانشاء المحاكم المتخصصة بمحاربة الرق والممارسات الاستعبادية هي اجراءات قيم بها كوسيلة حتمية لتطبيق التزامات وطنية ودولية تتعلق بالتعامل القانوني الحازم مع ظاهرة تودي آثارها الاجتماعية والاقتصادية إلى الإضرار بالمجتمع، وتندرج هذه الالتزامات في إطار المواثيق الدولية ذات الصلة وكذلك خارطة الطريق التوافقية التي جمعت السلطات العمومية والمقررة الأممية حول جميع الأشكال المعاصرة للرق وأسبابه وآثاره بالإضافة إلى المجتمع المدني الوطني.
إن الهدف من هذه الترسانة القانونية والمؤسسية لا يقتصر فقط على محاربة الممارسة التقليدية للرق والتي لم تعد حاضرة بقوة في مجتمعنا بل تشمل الظواهر المعاصرة للممارسات والتي لا تخص بلادنا فحسب بل هي ظاهرة عالمية ترتبط باستغلال البشر والعمل الجبري أو القسري والعمل المخل للأطفال والنساء إلى غير ذلك من الممارسات التي تتعرض لها البشرية ككل على مر عقود من الزمن. وقد أدت هذه المحاكم الدور المنوط بها بجدارة وهي مستمرة في العمل على ذلك، وهو ما تشهد عليه أعمالها القضائية. أما عن قلة الملفات التي تعرضت لها هذه المحاكم، فتجدر الإشارة أولا إلى أن ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على كون الظاهرة التقليدية للممارسات الاستعبادية قد تراجعت بفعل العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية والتحول الذي يعرفه المجتمع الموريتاني، بالإضافة إلى نزع الشرعية عن الممارسة ابتداء من الفترات الأولى لتأسيس الدولة مرورا بالمراحل اللاحقة حتى الوضعية الحالية التي تكرست في هذا العهد بتجريم ظاهرة العبودية ووصفها بجريمة في حق الإنسانية لا تقبل التقادم. أما الممارسات الأخرى ذات الصلة كاستغلال النساء والأطفال والبشر عموما فهي تكاد تكون معدومة في مجتمعنا الإسلامي المحافظ الذي ما يزال يكافح بقيمه وآدابه الدينية والمجتمعية كل ما يتعارض مع شرعه الحنيف من الممارسات التي هي اليوم السبب الأساسي للأشكال المعاصرة من العبودية والممارسات المماثلة، كالاستغلال الجنسي والمتاجرة بالأشخاص وغير ذلك من الممارسات اللاإنسانية.
وعلي اية حال فان الدولة قامت بواجبها ووفت بالتزاماتها في سن النصوص المجرمة وانشاء المحاكم المتخصصة وعلى من يدعي اثبات دعواه امام محاكم قائمة ومختصة ومستقلة وموجودة في ثلاث دوائر هي النعمة ونواكشوط ونواذيبو.
السؤال الخامس : يطرح البعض بين الفينة والأخرى ما يراه تدخل وتغول السلطة التنفيذية علي حساب السلطة القضائية ،ويعتبرون ذلك سببا مباشرا لما يقولون انه عدم استقلال القضاء الموريتاني ،كيف تردون علي مثل هكذا راي؟
يقوم نظامنا السياسي الذي كرسه الدستور على مبدأ فصل السلطات بما يعنيه ذلك من حرص على استقلال القضاء، وهكذا ينحصر دور السلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل في تصور وتنفيذ السياسات الملائمة لضمان السير الحسن لمرفق العدالة، وتأطير عمل النيابة العامة، والإشراف الإداري على الجهاز القضائي دون تدخل في عمل قضاة الحكم الذين لا يخضعون في عملهم إلا لسلطان القانون. وتكفل القوانين النظامية المتعلقة بالسلطة القضائية استقلال القضاء، وحماية هذا الاستقلال، وتحظر قيام أي شخص أو سلطة بالمساس باستقلال القضاء، أو التدخل في شؤونه، ويعتبر القانون هذه الممارسات جرائم تعرض فاعلها للمتابعة الجزائية. فالقضاء مستقل والقضاة مستقلون بحكم القانون والواقع , ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون الذي يطبقونه بكل تجرد وحياد، الا ان المشرع اعطى للمفتشية العامة للإدارة القضائية والسجون صلاحيات تتعلق بالرقابة الادارية المتعلقة بحضور طاقم المحاكم والتزامه بأوقات الدوام الرسمي بالإضافة الى الرقابة على الأحكام القضائية وهذا الأمر يتعلق بتقييم ادارى للقضاة وهو عمل تقليدي ويعتبر من ضمانات الشفافية في تولى المسؤوليات القضائية، ويتولى المجلس الأعلى للقضاء في تشكيلته التأديبية تأديب القضاة وهو مجلس يتكون في مجمله من القضاة بمن فيه المنتخبين الذين يمثلون زملاءهم ويراسه حسب الحال رئيس المحكمة العليا او المدعى العام لديها.
أما ما يطرحه البعض من تدخل السلطة التنفيذية في أعمال القضاء غير وارد ومردود لما سلف ذكره وأعتقد أنه من واجب الجميع احترام القضاء والنأي به عن التجاذبات السياسية والمصالح الضيقة ليظل مؤسسة محايدة مستقلة تحمي حقوق الجميع وفقا للنصوص التشريعية والنظم المطبقة لها.
السؤال 7 : معالي الوزير نريد ان نستوضح من خلال هذا السؤال عن خطة القطاع للتعاطي مع بعض المطالب كبناء مقار للمحاكم في مختلف المقاطعات وتأثيث المحاكم وادخال انظمة المعلوماتية اليها، وتعزيز كفاءة الكادر العامل في المجال بمختلف فئاته من خلال التكوين المستمر، وتحسين الظروف المادية للعاملين في القطاع كل حسب اولوياته ،وهي بالمناسبة مطالب تطرحها بعض الجهات المعنية؟
يعكف القطاع حاليا على إعداد سياسة قطاعية شاملة تراعي الأهداف الاستراتيجية لقطاع العدالة بالنسبة للسنوات العشر القادمة على ضوء الاختلالات التي كشف عنها التشخيص المقام به من طرف لجان متخصصة مشكلة لهذا الغرض. يتعلق الأمر أساسا بتحديث الترسانة القانونية وملاءمتها مع واقع البلد والتزاماته الدولية، وبالولوج إلى العدالة، والتكوين الأساسي والمستمر للفاعلين في قطاع العدالة، من أجل الرفع من مستوى العنصر البشري وتعزيز قدرات القطاع وفاعليه وتحديثه وتحسين حوكمته، هذا بالإضافة إلى تقريب القضاء من المتقاضين، وتمكين القطاع على المديين القصير والمتوسط من البنى التحتية الضرورية لعمل الإدارة القضائية والسجنية عن طريق استكمال مقار المحاكم التي هي في طور البناء وتعزيز القدرة الاستيعابية للمؤسسات السجنية وتجهيزها، وطبعا فإن عصرنة القضاء تحتل مكانة هامة في التدابير المزمع اتخاذها ذلك أن إعداد قاعدة معلوماتية خاصة بالقطاع تعتبر مسألة ضرورية من اجل تأمين تسيير الملفات القضائية وإعادة أرشفتها. وتم تزويد جل المحاكم بالتجهيزات المكتبية، وأجهزة المعلوماتية للتغلب على الصعوبات المتعلقة بتحرير وطباعة ما يصدر عن المحاكم من أعمال.
ولا يفوتني هنا ان أذكر بما تم إنجازه وتحقيقه خلال السنوات الأخيرة حيث اصبح القطاع يتوفر على عشرة "قصور" للعدالة بدل خمسة سنة 2009،بالإضافة إلى بناء مقر حديث خاص ومستقل بالمحكمة العليا، هذا فضلا عن عمليات الترميم المستمرة لقصور العدل والتي كان آخرها ترميم قصور العدل في نواكشوط والنعمة والاك ،وروصو، وأطار، ويجري الآن تشييد ثلاثة قصور للعدالة في لعيون، وسيلبابي، واكجوجت .
وفي مجال السجون فقد تم، فضلا عن تحسين ظروف السجناء بالرفع من مستواهم المعيشي والصحي وحماية حقوقهم الاساسية وفتحها امام المنظمات الوطنية والدولية الحكومية وغير الحكومية ، بناء عدة مؤسسات سجنية تراعي المواصفات والمعايير الدولية في مجال السجون مما ساهم في الحد من حالة الاكتظاظ التي كانت تعاني منها المؤسسات السجنية نذكر منها سجن نواذيبو بطاقة استيعابية تصل الى350 نزيل، وسجن ألاك بطاقة استيعابية تقدر ب 600 سجين، وسجن بئر أم كرين بطاقة استيعابية تقدر ب 200 نزيل، ويجرى العمل لإنهاء الاشغال في سحن انبيكة، كما تم إنشاء مراكز إيداع للقصر المتنازعين مع القانون في نواكشوط ونواذيبو .
اخيرا فانه من المهم التأكيد علي ان دور القضاء كما تعلمون لم يعد يقتصر على مجرد الفصل في النزاعات بل تجاوز ذلك الى أشياء لا تقل اهمية حيث اصبح اهم اداة لاستتباب الامن والسلم الاجتماعيين وجلب الاستثمارات من خلال طمأنة راس المال الوطني الأجنبي بضمان اقتضاء الحقوق بالتساوي مع المواطنين كما اصبح يشكل أهم دعامة لضمان ارساء دولة القانون التي تكفل الحريات الفردية والجماعية، وذلك ما ادركه مبكرا فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز اذ ما فتئ يسدى توجيهاته الى الحكومة بإقامة قضاء مهني نزيه قادر على لعب الدور المنوط به في النهضة التي تشهدها البلاد وهو ما عملت الحكومة على تجسيده من خلال رزمة من الاجراءات التي تهدف الى ارساء قواعد دولة الحق والقانون التي تعتمد مبدا فصل السلط واستقلالية القضاء حيث تبين من خلال التشخيص الاولى للقطاع ان الاختلالات الموجودة من اهم اسبابها عدم وجود سياسة قطاعية متكاملة الابعاد محددة الاهداف وهو ما سعت الحكومة الى تلافيه من خلال الاستراتيجية الجديدة املنا كبير في اصلاح منظومتنا القضائية والارادة السياسية موجودة وستعمل الحكومة بجد ومثابرة على بلوغ الهدف الذى يريد فخامة رئيس الجمهورية وهو ارساء عدالة مستقلة وناجعة تستجيب لتطلعات شعبنا وشركائنا اذ لا يكفى ان تتحقق العدالة ، بل يجب ان يعرف الناس ان العدالة تحققت.



الأحداث
المخطط السنوي للنفقات 2023
إعلان عن الفوز المؤقت بصفقة
إعلان لاقتناء سيارات و تجهيزات معلوماتية ومكتبية
المخطط السنوي للنفقات 2022
المخطط السنوي للنفقات 2020
إعلان دراسة لترميم المحكمة التجارية
الولوج للعدالة
للمهنيين
للمواطنين
المساعدة القضائية
دليل المتقاضين
السجل التجاري
الإحصاءات
القضاة وكتاب الضبط
المحامين وعدد الخبراء
مواقع مهمة
الوكالة الموريتانية للانباء
اللجنة الوطنية لحقوق الانسان
المفوضية السامية لحقوق الإنسان
المحكمة العليا
المحكمة التجارية
فيديو
تابعوناعلى
معرض الصور