السيد وزير العدل يرد على سؤال شفهي مشفوع بنقاش في الجمعية الوطنية.

السؤال:

إلي السيد وزير العدل
السيد الوزير
تعاني السجون في موريتانيا من تردي الأوضاع الإجتماعية والصحية والأمنية والتربوية مما أدي إلي تعدد السلط داخلها وفشل عملية الإصلاح والتأهيل وهول ما نتجت عنه أخيرا عمليات الفرار الجماعي التي شهدها سجن دار النعيم والموت المتكرر لبعض نزلائه وانتشار الأمراض والأوبئة.
فرغم المقتضيات القانونية التي صادقت عليها موريتانيا فلا يزال الإكتظاظ وسوء التغذية والظلم والإنحراف واستعمال المخدرات والعنف والتطرف وتفشي الرشوة والتميز هي أمور أبرز ماتتميز به سجون البلاد.
وهو مايستوجب علينا مساءلتكم عن الأوضاع السيئة والمزرية التي تعيشها السجون اليوم.
السيد الوزير
إلي متى ستظل السجون علي هذا النحومن التردي رغم ما يتلقاه القطاع من دعم سخي سواء من الميزانية العامة للدولة أو من طرف شركائها؟ وماهي الحلول التي يقترحها قطاعكم لحل هذه المشكلة؟

الجواب:

الموضوع : رد على سؤال شفهي مشفوع بنقاش في الجمعية الوطنية.

" رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي" – صدق الله العظيم
السيد الرئيس؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛
إنني لَسَعيدٌ ومُمْتَنٌ لكم جميعا، وبالخصوص للسيدة النائبة المحترمة المعلومة بنت بلال، التي أتَاحَتْ للحكومة ولي شخصيا فرصة إنارة الرأي العام والمهتمين بشأن السجون، من خلال جمعيتكم الموقرة، حول واقع السجون الوطنية و الجهود والبرامج التي تُنفَّذُ بتوجيهاتٍ من فخامة رئيس الجمهورية السيد/ محمد ولد عبد العزيز بإشراف فِعْليِّ ومتابعة جدية من حكومة معالي الوزير الأول، المهندس/ يحيى ولد حدمين.
وقبل الدخول في الرد الشافي-إن شاء الله- على السؤال بودي أن أشارك النواب المحترمين البشارة أن وضع مؤسساتنا السجنية ليس بالسَّوْدَاوِيَّةِ والبُؤسِ الوَاردَينِ في نص السؤال. و لَنْ يَسْلَمَ عملٌ بَشَرِيٌ مَهمَا كان إتْقَانُهُ من النَّقْدِ و التَّسَاؤلِ. و نحن نرحب بالنقد البناء والتساؤل الهادف ونتعامل معهما بجد و موضوعية، مِصْدَاقُ ذلك عملنا المتواصل للرفع من مستوى الوضع المعيشي والصحي والأمني والتربوي للسجون.
السيدات والسادة النواب المحترمين ؛
تدركون معي مستوى انشغال الرأي العام الوطني والدولي بواقع السجون والتعاطي معها، نظرا لتداخل مبدأ حاجة المجتمع للأمن والرفاهية والسلم الاجتماعي وتحصين أفراده من الانحراف والتطرف. 
وانطلاقا من الشعور بالمسؤولية اتجاه مواطنينا، مُتَمَتِّعِينَ بحريتهم أو مُقَيَّدينَ بظروف استثنائية تمنعهم من ممارسة بعض الحقوق، كأن يكونوا نزلاء سجون، فإنه يظل من واجبنا السَّهر على تلبية حاجاتهم الإنسانية والقانونية.
و ألفت انتباه السيدة النائب المحترمة إلى أن بلادنا لا تعتمد فقط على دعم الشركاء للتكفل بالسجون ونزلائهم؛ بل تعتمد أساسا في سبيل تطويرها والرفع من مستواها المؤسسي والخَدَمِيِّ، على القُدُرَاتٍ والموارد الذاتية للدولة الموريتانية.
السيدات والسادة النواب المحترمين؛
لقد تضمن السؤال محاور أساسية، سأحاول الرد عليها تِبَاعًا:
أولا - في المجال القانوني وترقية حقوق الإنسان :
لا بد أن تضعوا ﻧُﺼْﺐَ أعينكم، سادتي النواب، ﺍﻻﻫﺘﻤـﺎَﻡ ﺍﻟـﺬﻱ ﺗﻮﻟﻴـﻪ السلطات العمومية، ﻣﻨـﺬ تولي فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد عبد العزيز للسلطة، ﻹﺿـﻔﺎﺀ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎني ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍلجنائية ﻭحماية ﺣﻘـﻮﻕ ﺍﻹﻧـﺴﺎﻥ، والتشديد ﻋﻠـﻰ ﺍﻷهمية ﺍﻷﺳﺎﺳـﻴﺔ للحقوق في ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﻣﻨﻊ الجريمة، سواء من خلال القوانين والآليات التي تم استحداثها في هذا الصدد منذ 2009 أو الاِسْتِرْشَادِ بمعايير ﺍﻷﻣﻢ المتحدة ﻭﻗﻮﺍﻋﺪﻫﺎ ﺍﻟﻨَّﻤَﻮْﺫَﺟِﻴـَّـﺔِ ﺍﻟــﺪﻧﻴﺎ في مجال معاملة السجناء.
ثانيا - في المجال المؤسسي :
تنص القوانين المُنَظِّمةِ للسجون في بلادنا على إنشاء هيئات اسْتِشَاريةٍ ورِقَابِيةٍ تعمل على مراقبة السجون في كل ما يتعلق بالنظافة والأمن والنظام الغذائي والخدمة الصحية والعمل الجزائي... إلخ. وقد عَمَدَ قطاعنا مؤخرا على تفعيل اللجان الجهوية لرقابة السجون ويعمل حاليا على تأسيس اللجنة الاستشارية الوطنية للسجون والإصلاح التي سيعهد إليها بدراسة كل المسائل المتعلقة بتحسين ظروف نزلاء السجون وإعداد تقارير دورية بهذا الخصوص.
كما أننا نعمل حاليا على تعيين المصالح الجهوية للسجون في كل من نواكشوط ونواذيبو وألاك. ومن شأن هذه المصالح أن تسند إدارة تلك السجون لِطَوَاقِمَ مُتكامِلةَ التخصصات تشمل أقساما للتغذية والصحة والتكوين والمتابعة القانونية لوضعيات السجناء.
وقد تم خلال دورة المجلس الأعلى للقضاء الأخيرة تعيين قضاة مكلفين بتنفيذ العقوبات على مستوى كل محكمة ولاية، يُعْهدُ إليهم بتنفيذ العقوبات وزيارة مؤسسات السجون و متابعة مدى تنفيذ النصوص المتعلقة بتنظيم وتسيير مؤسسات السجون في شأن شرعية الاعتقال وحقوق السجناء ومراقبة سلامة إجراءات التأديب.

ثالثا - في مجال البنية التحتية للسجون :
يمثل الاهتمام بخلق بُنْيةٍ تحتية مناسبة وعصرية أحد أبرز معالم العناية الجديدة التي يحظى بها قطاع العدل من طرف السلطات العليا للبلد؛ حيث تم تحقيق العديد من المكتسبات في مجال تشييد المنشآت السجنية.
فبعد أن كان الاكتظاظ مَصْدرَ القلق وبُؤْرَةَ التوتر في مؤسساتنا السجنية، أصبحنا اليوم وبفعل تشغيل سجن ألاك، بطاقته الاستيعابية الأولية التي تزيد على 650 نزيلا، وسجن أنواذيبو بطاقته الاستيعابية الأولية التي تزيد على 400، أصبحنا نتوفر على قدرة استيعابية معتبرة.
ومع تشغيل سجن بير أم اكرين بطاقته الاستيعابية الأولية التي تزيد على 200 نزيل، ستفوق طاقة سجوننا الإيْوَائية احتياجاتنا الوطنية الحالية. وقد تم في الآونة الأخيرة تَرْمِيمُ السجون في كل من روصو وألاك وانواذيبو لِتَسْتجيبَ أكثر للمعايير؛ والعمل جَارٍ حاليا لتأهيل السجن المدني بكيهيدي.
وتجري الأشغال بصفة متقدمة حاليا في بناء وتجهيز ملحق خاص لحجز الحالات الْمَرَضِيةِ المُعدِيةِ تَعْويضًا عن الجناح الداخلي المخصص أصلا لهذه الحالات في سجن دار النعيم. كما أن هناك مَشْرُوعَ بناء مركزين صحيين متكاملين بدار النعيم والسجن المركزي، تمت المصادقة على مُخَطَّطَيْهِمَا ومَوْقِعَيْهِمَا وسيبدأ العمل في تشييدهما قريبا إن شاء الله.
وعلى مستوى السجن المركزي بنواكشوط تمت إعادة ترميم شبكة التزويد بالماء والصرف الصحي وذلك ببناء خزان جديد للماء الصالح للشرب بسعة تخزين تصل إلى 70 متر مكعب؛ كما تم بناء خزانات جديدة للمياه المستعملة واسْتِبْدالُ شَبَكَتَيْ التزويد والصرف الصحي بشبكتين جديدتين أكبر حجما.
ويجري العمل حاليا في بناء خزان آخر لدعم تزويد سجن دار النعيم بالماء الصالح للشرب. وفي انتظار إتمام ذلك تم تزويده بصهريج يؤمن توفير الماء بشكل دائم.
كما انطلقت إجراءات إبرام صفقة بناء مركز مغلق سيمكن من إيواء القصر الجانحين بعيدا عن السجون المخصصة للبالغين.
رابعا - في مجال الرفع المضطرد من مستوى الحياة:
يعتبر مستوى الحياة داخل السجون والرفع منه التحدي الأكبر الذي يسعى القطاع لرفعه، وقد نجح في ذلك بنسبة كبيرة، كما أنه الهدف المُتَوَخىَّ من مختلف المبادرات المقام بها لتغيير واقع السجون. ويتم العمل على تحقيق هذه الأهداف من خلال :
1- تجهيز السجون :
عمل القطاع خلال الفترة الأخيرة على تزويد السجون بوسائل الإقامة الملائمة حيث تم هذه السنة تجهيز سجون نواكشوط وألاك وانواذيبو وبير أم اكرين بكافة المستلزمات من تأثيث وأغطية وتجهيزات وأدوات مطبخية. وسيتم تعميم ذلك قريبا على كافة السجون الوطنية. كما سيتم تجهيز مراكزها الصحية بالمستلزمات والمعدات الطبية التي تضع الطاقم الصحي في ظروف مناسبة للعمل داخل السجون.
2- في مجال التغذية :
تعتبر التغذية حَجَرَ الزاوية في هذا المحور، حيث لا يُتَصَوَّرُ تطورٌ لمستوى الحياة داخل السجون من دون إعطائها ما تستحق من عناية. و إدراكا لهذه الحقيقة تم العمل على تنظيم وتزويد السجون، وبدون انقطاع، بمخصصات التغذية. كما تم الحرص على كفاية وجودة الوَجبَاتِ المقدمة لنزلاء السجون. ولحرصنا وسهرنا على جودة هذه الخدمات تم وضع نظام للرقابة الغذائية وإقامة نظام خاص لتغذية السجناء ومواجهة حالات سوء التغذية.
وفي هذا الإطار سهر القطاع على توقيع اتفاقية تَمْوِينٍ مع مفوضية الأمن الغذائي تضمن تزويد السجون بالمواد الغذائية الأساسية من حبوب وزيوت وألبان مجففة وسكر وشاي... إلخ. كما تم إعفاء المشتريات الأساسية الموجهة لتغذية السجناء من ضريبة القيمة المضافة؛ الأمر الذي كان له أثر إيجابي على توفير المواد والرفع من القدرة الشرائية للاعتمادات المالية المخصصة لهذا الغرض.
كما كان للقرار الذي اتخذته السلطات العليا، بتخصيص جزء من المواد المصادرة، من طرف الجمارك كالأرز، واللحوم الحمراء من طرف مصالح البيطرة، تأثير إيجابي فضلا عن التسيير الجاد و المُعَقْلَنِ للمخصصات.
ويعمل القطاع حاليا بالتعاون مع خبراء في التغذية الجماعية على إعداد قائمة غذائية متنوعة انطلاقا من العادات الغذائية الوطنية لضمان القيمة الغذائية الضرورية للسجناء.
و قد كان لكل هذه الإجراءات مفعول إيجابي، حسب تقارير الجهات المحايدة، إذ تراجع مستوي حالات سوء التغذية من 24 % في العام الماضي الي 14.2% خلال شهر مايو 2016 وخلوها تماما من أي حالة حادة.
كما أنه، ولأول مرة، قام القطاع بتعميم برنامج الإفطار المتمثل في الدعم الغذائي الخاص بشهر رمضان المبارك، لتستفيد منه جميع السجون الوطنية.
3- الخدمات الصحية :
 لقد ظل الوضع الصحي داخل السجون هَاجِسًا مُقْلِقًا ، بَيْدَ أن المبادرات التي تم اعتمادها في الآونة الأخيرة أدت إلى تطور حقيقي، حيث تتوفر سجون نواكشوط ونواذيبو وألاك في الوقت الحاضر على طواقم طبية توفر الخدمة الصحية باستمرار، ونتطلع ليشمل هذا الإجراء سائر السجون.
وتَتَكَفَّلُ الدولة بكامل الاحتياجات الصحية للنزلاء، بشكل يضمن ولُوجَهُم لخدمات المؤسسات الطبية العمومية. كما أن توفر سجون انواكشوط على سيارة إسعاف ساهم بشكل كبير في الرفع من مستوى الخدمة الصحية بفضل تسهيل نقلهم إلى المراكز الصحية واستفادتهم في الوقت المناسب من خدمات التخصصات الطبية.
ويسهر القطاع على توفير المتابعة الصحية والفحوص والكشوف الطبية بمختلف أنواعها للسجناء. ويوفر لهم جميع الأدوية بشكل دائم ودون انقطاع. كما تم إنشاء مستودع للأدوية على مستوى المديرية المركزية لضمان تموين نقاط الصحة في السجون بالأدوية الأساسية. هذا بالإضافة إلى أن الحرص الدائم على نظافة السجون ساهم بقدر كبير في الحد من المشاكل الصحية داخل السجون.
السيدات والسادة النواب المحترمين؛
 لقد تحدثت السيدة النائب المحترمة عن الوفيات المتكررة في السجون، وكأَنَّ الأمرَ أصبح وبائيا، لكن عن أي حالة تتحدث السيدة النائبة المحترمة؟ فالثابت أنه لم تسجل أي حالة وفاة مشبوهة منذ زمَنٍ داخل السجون.
 و على كل حال يمكننا تَتَبُّعُ ورَصْدُ الوفيات الأخيرة، و قد كانت كلُّها طبيعية ولم تكن نتيجة تقصير و لا إهمال، حيث بلغت في مجملها خَمْسَ حالات متفرقة في الزمان والمكان منذ 2015، وذلك من أصل 2200 نزيل.
 الحالة الأولى في نواكشوط، ولم يكن المتَوفَّى فيها يعاني من أي داء. والحالة الثانية وقعت في سجن ألاك، وصاحبها كان يعاني من ارتفاع الضغط وقد توفي ودواؤه إلى جانبه، إلا أن الحالة تطلبت من الإدارة نقل جثمانه إلى نواكشوط حيث عاينه الطبيب الشرعي قبل تسليمه لذويه.
 أما الحالة الثالثة فصاحبها رَغْمَ حَداثَةِ دخوله للسجن، فقد كان يعاني من داء مزمن، وبقي محجوزا عدة أشهر في العناية المركزة بالمستشفى الوطني تَتَكفَّلُ الإدارة بكافة مستلزماته، إلى أن وافاه الأجل المحتوم.
 أما الحالة الرابعة فكانت في كيفة، و لم يكن صاحبها يعاني من ألم وإنما كان صائما وبعد تناوله لوجبة الإفطار بقليل وافته المنية.
 والحالة الخامسة والأخيرة وقعت بالأمس القريب في كيهيدي، حيث كان صاحبها مريضا؛ وقد توفي وهو يتلقى العلاج بالمستشفى الجهوي. تغمدهم الله جميعا بواسع رحمته.
4- التكوين والنشاطات الإنتاجية :
يتم العمل في الوقت الحاضر على مراجعة وتفعيل الجهد التعليمي والتثقيفي داخل السجون. وقد تَجلى ذلك من خلال اعتماد مُقارباتٍ جديدة تعتمد على تشجيع المدرسين لربط الصلة أكثر بالوسط السجني، وكذلك السعي لدراسة خيارات جديدة فيما يتعلق بالتكوين والتدريس المهني، وعلى مستوى الرياضة والترفيه سيتم تفعيل الأنشطة الرياضية والترفيهية. وتعمل الحكومة على وضع إستراتيجية واضحة ترتكز على مبدأي إعادة التأهيل والإصلاح، من أهم مرتكزاتها ما يلي :
- تفعيل أنشطة التدريس والإرشاد والوعظ بواسطة تدخل العلماء والأئمة والمدرسين لتقديم عروض ومحاضرات تحث على تعليم الواجبات الدينية وحسن الأخلاق والابتعاد عن الظواهر والسلوك المؤدي للانحراف. وقد انطلقت هذه النشاطات في سجني النساء ودار النعيم.
- تنظيم دورات تكوينية لصالح نزلاء السجون علي مختلف الأنشطة كتعليم المعلوماتية واللغات لصالح القصر وتعليم الخياطة والصباغة والحِيَاكَةِ والتجميل لصالح النساء.
- إعادة تشغيل ورشة تعليم اللحامة والنجارة.
- مشروع تكوين وإعادة دمج نزلاء السجون وتقديم قروض ميسرة لهم بعد خروجهم من السجن لإنشاء بعض المشاريع الصغيرة المدرة للدخل.
- المتابعة النفسية للنساء نزيلات السجون.
وتعمل الوزارة حاليا على دراسة مجموعة من النشاطات الإنتاجية المقرر تنفيذها داخل السجون، وقد رَصدتْ الحكومة الوسائل المالية لذلك. ومن بين الأنشطة المُزمَعِ القيام بها إنشاء مَشَاتِلَ خضراء لإنتاج الأشجار المكافحة للتصحر؛ وإنشاء مخابز وكذلك ورشة أنتاج لَبِنِ البناء (بريك) في الولايات الداخلية. وليس الهدف من هذه المشاريع التكوين المهني فحسب بل لحصول النزلاء العاملين على ريعها.
خامسا - حول الفرار الجماعي :
يحدث الفرار في حالات نادرة تقع عادة بالتزامن مع استفادة النزلاء من بعض التسهيلات الخدمية، كما يعد الاكتظاظ من عوامله الأساسية.
و لقد وقعت حالة فرار جماعي من سجن دار النعيم في 19 فبراير 2016 حيث فر 47 سجينا تم استعادة 42 منهم والبحث جار عن الخمسة الباقين وسيتم القبض عليهم.
لكن يجب التنبيه إلى أن الفرار من المعتقل ظاهرة دولية ولا تنُمُّ بالضرورة عن سوء الأوضاع ولا عن الانفلات الأمني في السجون. وإذا كان الاكتظاظ هو السبب الرئيسي، فإن المسألة قد تم تجاوزها الآن بفضل التحويلات الأخيرة من سجون نواكشوط إلى نواذيبو وألاك، حيث تم نقل 150 سجينا إلى الأول و 410 إلى الثاني. وسنتطرق لاحقا لظاهرة الاكتظاظ.
وقد جرت عملية النقل هذه، وفقا للقوانين والنظم المعمول بها، في ظروف مناسبة حيث تم استثناء السجناء المصابين بأمراض مزمنة أو معدية وكذلك القصر والمسنين. كما تم اتخاذ كافة الاجراءات وتجهيز السجون المستقبلة بكافة الوسائل الضرورية قبل بدء العملية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن إنشاء وتصنيف مؤسسات السجون من اختصاص وزير العدل (المادة 17 من نفس المرسوم).
سادسا - ظاهرة الاكتظاظ :
إن الاكتظاظ ظاهرة تعاني منها جميع السجون في العالم، لكنه يَجْدُرُ بي أن ألفت انتباه السيدة النائب المحترمة، إلى أنه في الوقت الذي تقدمت بسؤالها كانت السلطات العمومية قد وجدت مُسْبقًا الحل المناسب لمشكلة الاكتظاظ وفقا لما تم ذكره آنفا.
والثابت هو أن سجوننا لا تعاني من نقص في الطاقة الاستيعابية وإنما من عدم توازن توزيع السجناء بينها. وهو ما عول عليه المشرع في الفصل الخامس من نظام السجون، حول حركية المعتقلين، إذ نص في المادة 88 التي تُعَرِّفُ التحويل بأنه "نقل السجين من مؤسسة إلى أخرى"، وأناط هذه الصلاحية بالوزير المكلف بالعدل. ويمكن أن يحدث ذلك بإحدى طريقتين: الطريقة الأولى وتتعلق بالمدانين، أما الطريقة الثانية فتبررها دواعي الأمن العام وحسن سير العدالة ويترتب عليها لزوم إحالة الملف إلى المحكمة التي تم التحويل إلى دائرتها (المواد597-602 من قانون الإجراءات الجنائية). وهو ما تم بالفعل العمل به لتجاوز وضعية الاكتظاظ التي كانت تعاني منها السجون.
وتتبين نتائج تلك العملية في الجدول التالي، إذ انخفض عدد السجناء في نواكشوط( سجن دار النعيم، والسجن المركزي،وسجن النساء) من 1270 في 14 فبراير 2016، و1265 في 10 مايو 2016 إلى 749 في 22 يونيو الجاري.

السجن	الطاقة الاستيعابية	14/02/2016	10/05/2016	22/06/2016
نواكشوط	700	1270	1265	749
ألاك	650	254	224	531
نواذيبو	400	233	272	432
بير ام اكرين	200	12	12	12

 

سابعا - المراقبة المتواصلة للوضعيات القانونية لنزلاء السجون وتكريس سياسة العفو:
يتم حاليا بالتعاون مع الوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة، وضع اللمسات الأخيرة على قاعدة بيانات لتسيير السجناء وهي الخطوة التي تعلق عليها آمال عريضة في سبيل ضبط الوضعية القانونية للسجناء وذلك من خلال المتابعة اليومية لمستوى تقدم ملف كل سجين على حده.
وفي انتظار ذلك سعت الإدارة إلى تفعيل وسائلها التقليدية المتمثلة في متابعة الجلسات ومراجعة المحاكم للوقوف على التطورات التي تطرأ خلال مسطرة التقاضي.
وفي مجال العفو تواصلت الجهود لتكريس سُنَّةِ العفو كإحدى الدعامات الأساسية للسياسة الجنائية الوطنية. وقد حرص القطاع من خلالها على تجسيد سياسة الدولة القائمة على الرأفة والرفق والتكفل بحيث شملت تدابير أخرى كانت السلطات العمومية سباقة لاتخاذها. كما أعْطِيتْ عناية خاصة لأصحاب الوضعيات الإنسانية بحيث تم إعطاؤهم الأولوية بالاستفادة من قرارات العفو.
ثامنا - تطوير العلاقات مع مختلف الشركاء والمتدخلين في السجون:
تعتبر السجون أحد المجالات المعهودة لتدخل المنظمات الإنسانية الوطنية والدولية وقد اقتصر هذا التدخل في أغلب الأوقات على المراقبة والنقد، غير أن الوضع قد تغير خلال الفترة الأخيرة حيث نجحت السياسات المعتمدة من طرف الحكومة في تطوير هذه العلاقة إلى شراكة إيجابية، وهكذا سمح الانفتاح والتجاوب والثقة المتنامية في دفع أغلب هؤلاء الشركاء إلى العمل على إطلاق مبادرات جادة للمساهمة في تحسين واقع مؤسساتنا السجنية بما يضمن مواكبة الجهد الكبير الذي تبذله الدولة.
السيدات والسادة النواب المحترمين؛
في ختام ردي على سؤال النائب المحترمة المعلومة من بلال أغتنم الفرصة لأدعوكم ومن خلالكم كافة ممثلي المجتمع المدني إلى ربط الصلة بمؤسسات السجون فأبوابها مُشْرعَةٌ و صدور عمالها مفتوحة لاستقبال الملاحظات والتوصيات التي من شأنها الوصول إلى ما نصبو إليه جميعا من تحقيقٍ وإرساءٍ للقيم الإنسانية النبيلة.
وكلي ثقة في أن كل خطوة تقومون بها في هذا الاتجاه ستكون إيجابية إما بتبيين مواطن النقص والخلل لتصحيحها، أو الإشادة والتشجيع على الجهود التي تبذلها الحكومة بتعليمات سامية من فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، و بمتابعةٍ جادةٍ من حكومة معالي الوزير الأول المهندس يحيي ولد حدمين.
" وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ، إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ"
صدق الله العظيم